عن يوسف بن أبي حماد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما اسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الاذفر ، فسأل جبرئيل عنها فأخبره أنها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا ، ثم قال له : إن الخضر كان من أبناء الملوك فآمن بالله وتخلى في بيت في دار أبيه يعبد الله ، ولم يكن لابيه ولد غيره ، فاشاروا على أبيه أن يزوجه فلعل الله أن يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفي عقبه ، فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه فلم يلتفت الخضر إليها ، فلما كان اليوم الثاني قال لها : تكتمين علي أمري ؟
فقالت : نعم ، قال لها : إن سألك أبي هل كان مني إليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولي : نعم ، فقالت : أفعل ، فسألها الملك عن ذلك فقالت : نعم ، وأشار عليه الناس أن يأمر النساء أن يفتشنها ، فأمر فكانت على حالتها ، فقالوا : أيها الملك زوجت الغر من الغرة ، زوجه امرأة ثيبا ، فزوجه ، فلما ادخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره ، فقالت : نعم ، فلما أن سألها الملك قالت : أيها الملك إن ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة ؟
! فغضب عليه فأمر بردم الباب عليه فردم ، فلما كان اليوم الثالث حركته رقة الآباء فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه ، وأعطاه الله من القوة أن يتصور كيف شاء ، ثم كان على مقدمة ذي القرنين ، وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصيحة ، قال : فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر ، فوجدا فيها الخضر قائما يصلي ، فلما انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه ، فقال لهما : هل تكتمان علي أمري إن أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما ؟
فقالا : نعم ، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ، ونوى الآخر إن رده إلى منزله أخبر أباه بخبره ، فدعا الخضر سحابة فقال لها : احملي هذين إلى منازلهما ، فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما ، فكتم أحدهما أمره . وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره فقال له الملك : من يشهد لك بذلك ؟
قال : فلان التاجر ، فدل على صاحبه ، فبعث الملك إليه فلما أحضروه أنكره وأنكر معرفة صاحبه ، فقال له الاول : أيها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك ، فبعث معه خيلا فلم يجدوه ، فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه .
ثم إن القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم الله وجعل مدينتهم عاليها سافلها ، وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة ، فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره ، فقالا : ما نجونا إلا بذلك ، فآمنا برب الخضر ، وحسن إيمانهما وتزوج بها الرجل ، ووقعا إلى مملكة ملك آخر وتوصلت المرأة إلى بيت الملك ، وكانت تزين بنت الملك فبينا هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط فقالت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقالت لها بنت الملك : ما هذه الكلمة ؟
فقالت لها : إن لي إلها تجري الامور كلها بحوله وقوته ، فقالت لها : ألك إله غير أبي ؟
فقالت : نعم وهو إلهك وإله أبيك ، فدخلت بنت الملك إلى أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرأة ، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته ، فقال لها : من على دينك ؟
قالت : زوجي وولدي ، فدعاهم الملك وأمرهم بالرجوع عن التوحيد فأبوا عليه ، فدعا بمرجل من ماء فسخنه والقاهم فيه وأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت ، فقال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله : فهذه الرائحة التي تشمها من ذلك البيت .[size=7](1)